مالي ـ خطاب رئيس الجمهورية في باماكو- 2 فبراير 2013 [fr]

"فخامة الرئيس المالي، لقد شكرتم فرنسا للتو من خلال شخصي، ومن خلال الحكومة الممثلة هنا. فأنا مفعم بالتأثر والفخر. لكن إسمح لي، بدوري، بالتعبير للشعب المالي عن امتناني التام لحسن استقباله الاستثنائي

وطوال هذا اليوم الذي بدأ في موبتي، وتواصل في تومبوكتو، وانتهى هنا في باماكو، علا ترتيد الصيحات ذاتها والحماسة ذاتها في كل ناحية للقول" فلتعش فرنسا، وفلتعش مالي

نعم، هذا صحيح، بأنني اتخذت قراراً خطيراً في العاشر من كانون الثاني/ يناير سمح بانخراط الجنود الفرنسيين في الاشتباك إلى جانب الجنود الماليين. كان هذا هو النداء الذي وجهه لي الرئيس تراوري. هذا كان واجب فرنسا التي كانت تتحرك باسم المجتمع الدولي وبدعم من البلدان الأوروبية في إطار الأمم المتحدة. أجل، كان علينا أن نكون هنا لأنه من المهم مكافحة الإرهاب، الإرهاب هنا في مالي، والإرهاب في غرب أفريقيا، والإرهاب في كل مكان. ولأنها تحركت على هذا النحو، كانت فرنسا على مستوى تاريخها، ومستوى الجمهورية وحقوق الإنسان وبالتالي في مستوى الديموقراطية

ومنذ العاشر من كانون الثاني/يناير، تاريخ تدخُّل فرنسا، مدينة بعد أخرى، وقرية بعد أخرى، أعادت أخيراً جيوش مالي وفرنسا، المدعومة من بلدان غرب أفريقيا، لمالي وحدتها وسلامة أراضيها وقوتها

أجل، تم دحر الارهاب، وطُرد لكنه لم يُهزم بعد. بودي أن أحيي امامكم التضحيات التي قدمها الجنود الماليون. وأفكر أيضاً بالمقدم داميان بواتو، الذي مات من أجل الحرية، حيث يشرفني القول هنا بأن العديد من العائلات المالية أطلقت إسم داميان على أطفالها وذلك تخليداً لذكرى تضحيته

فرنسا هي إلى جانبكم، ليس لخدمة أي مصلحة، فليس لدينا أي مصلحة كانت، وليس لحماية هذا الفصيل أم ذاك، أو هذا الحزب ام ذاك في مالي... كلا، نحن إلى جانبكم من أجل مالي بأسرها، ومن أجل غرب أفريقيا. نحن نحارب هنا لكي تعيش مالي في سلام وديموقراطية. ولقد اعطيتم اليوم أجمل الصور عن الحرارة الكامنة فيكم وعن حماستكم، ولكن عبرتم أيضاً عن ألمكم طوال كل هذه الأشهر حيث عاث التعصب فساداً في شمال مالي

نحن نقاتل بروح الأخوة الجامعة بين الماليين والفرنسيين والأفارقة، لأنني لا أنسى أنه حين تعرضت فرنسا للهجوم، وكانت تبحث عن دعم ومؤازرة وحلفاء، وحين كانت وحدة أراضيها مهددة، فمن الذي جاء لنصرتها؟ جاءت افريقيا، وجاءت مالي. الشكر موصول لمالي. نحن ندفع اليوم دَيننا الذي في عنقنا لكم. لكني قلت لكم بأن المعركة لم تنته. لقد أصاب الضعف المجموعات الإرهابية، فهي تكبدت خسائر فادحة لكنها لم تضمحل. إذاً ماذا نفعل؟ نواصل ونستمر. وستبقى فرنسا معكم الزمن المطلوب، أي لحين يسد الأفارقة أنفسهم مسدنا ويحلوا مكاننا عبر بعثة الدعم الدولية في مالي بقيادة افريقية. لكن حتى ذلك الحين، سنكون إلى جانبكم، حتى النهاية، حتى شمال مالي

لكنني اعترف لكم أيضاً، وهذا لأني مدين لكم بالإحترام، بأن فرنسا لا تنوي البقاء هنا في مالي، لأن الماليين والأفارقة هم بأنفسهم الذين سيشرفون على تحقيق الأمن والاستقلال والسيادة. هكذا أتصور العلاقات بين فرنسا وأفريقيا، أي على الإحترام والديموقراطية والشفافية. أنتم الآن الذين ستمسكون بناصية قدركم

أنا أتحدث هنا أمام نصب الاستقلال لتكريم تاريخكم، لكن لكي أقول لكم أيضاً بأن بلدكم سيشهد استقلالاً جديداً، لن يكون هذه المرة إنتصاراً على النظام الاستعماري بل إنتصاراً على الإرهاب وعلى عدم التسامح وعلى التعصب. هذا هو إستقلالكم

فرنسا هي جنباً إلى جنب مع مالي عبر جنودها، ولكنها أيضاً إلى جانب مالي عبر مساعداتها ودعمها. لقد قررنا أن نكون إلى جانبكم لمواكبتكم في النهوض الإقتصادي، وفي نهضة مرافقكم العامة بالنسبة للتربية والصحة والأمن. وسنساهم في إعادة بناء جملة من المواقع الثقافية المالية

لن نكون بمفردنا للقيام بذلك، فأوروبا إلى جانبكم. والمجتمع الدولي معكم، والأونيسكو الممثلة بمديرتها العامة هي هنا أيضاً لأنه لا يمكننا القبول بما جرى في تومبوكتو حيث تلطخت، للأسف، أماكن مقدسة وتدنست معالم وزالت وثائق تاريخية... سنعيد بناءها معكم، لأن هذا هو تراث مالي لكنه أيضاً تراث كل الإنسانية الذي يقع على عاتقكم. أعرف المعاناة التي تسبب بها إحتلال مدن الشمال في مالي

يجب محاسبة جرائم من شارك المجموعات الإرهابية بها. فأمام العدالة لا يجوز أن يكون هناك إفلات من العقاب على هذه الأفعال. لكن على العدالة المالية ، والعدالة الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية أن تفعل ما يمكِّن من إصدار حكم بالعقاب العادل عن هذه الجرائم. لكن العدالة ليست ثأراً وليست ارتكاباً للانتهاكات. لا يمكن لأي معاناة أن تفسر النهب أو الانتهاكات. فلا نزيل جوراً بإحلال جور آخر مكانه. عليكم أن تكونوا مثالاً يحتذى به. المجتمع الدولي كله ينظر إليكم. نعم نريد الإقتصاص من المجرمين والإرهابيين ولكن علينا القيام بذلك، عليكم القيام بذلك، في ظل إحترام حقوق الإنسان، هذه الحقوق بالذات التي أهانها واحتال عليها الإرهابيون

فمن وحي روحية الثقة هذه حيال مالي، أعرف الجهد المتبقي الواجب إنجازه ألا وهو إستعادة سلامة اراضي كل مالي. فما من مدينة أو قرية يجب ان تكون محتلة من قبل الإرهابيين وان تتفلت من سيادة مالي

أجل، علينا أيضاً الانخراط في مسيرة الأمن هذه من خلال بعثة الدعم الدولية في مالي بقيادة افريقية، ومن خلال القوات الأفريقية. أجل، عليكم القيام بعملية إنتقال سياسية وبناء الديموقراطية وإجراء الانتخابات. قوموا بإجراء انتخابات جميلة في شهر تموز/يوليو. أظهروا لكل أفريقيا، والعالم بأسره بأن مالي مثال يحتذى به، واعملوا لكي تتمكن فرنسا من القول بان ما تقومون به هنا في مالي، يستحق تماماً التضحية التي قدمها جنودنا

وما هو على المحك أيضاً هو العلاقة بين أوروبا وأفريقيا. نحن في حاجة إلى القارتين لأن نؤمّن المستقبل معاً. نحن في حاجة إلى المجتمع الدولي، ونحن في حاجة لأن تأتي المساعدات من كل حدب وصوب لكم. ثم نحن في حاجة إلى ان تبقى فرنسا ومالي موحدتين معاً، ذلك أن الشعبين يجدان نفسيهما في بوتقة الأسس والقيم نفسها

لقد تحدثت إلى الماليين الذين يعيشون في فرنسا، ووعدتهم بأن آتي إلى هنا ، إلى باماكو لكي أقول لهم، وأقول لكم، بأن ما علينا القيام به معاً هو أكبر من شعبينا، وهو إظهار بأنه من الممكن دحر الإرهاب، وبأن الديموقراطية يمكن ان تتغلب، ويمكن لحقوق الإنسان أن تطبق في كل مكان، في كل القارات وبأننا جميعاً موحدون من خلال الدم المراق، وموحدون بالقرار الذي اتخذناه سوية، وموحدون مع الأمم المتحدة، وموحدون معاً

أصدقائي الماليين، إعملوا على نحو يؤدي إلى نجاح استقلالكم حتى النهاية. فرنسا معكم. فرنسا إلى جانبكم. وفرنسا فخورة بكم

وأنا أريد أن أقول لكم هنا بأنني عشت للتو، النهار الأكثر أهمية في حياتي السياسية. لأنه في وقت معين، كان لابد من إتخاذ قرار، قرار يتحكم بمصير حياة رجال ونساء. هذا القرار إتخذته باسم فرنسا. هذا القرار يشرِّف فرنسا، وعبر ترتيد الصيحات والحماسة والدعم الذي منحتموني إياه، فإنكم تكرمون بأعلى التقدير فرنسا قاطبة

شكراً للشعب المالي. فلتعش مالي. فلتعش فرنسا. فلتعش الصداقة بين مالي وفرنسا

وشكراً

آخر تعديل يوم 17/08/2020

أعلى الصفحة